مواد غير مرئية بالضوء

ظهرت تقنية جديدة تستعمل الضوء وكأنه إبرة مصمَّمة لحياكة سلاسل طويلة من الجزيئات، وقد تساعد على جعل مفاهيم الخيال العلمي مثل أجهزة الإخفاء أقرب إلى الواقع.
هذا المستوى من التحكم يفتح المجال أمام مجموعة واسعة من التطبيقات العملية المحتملة.

مواد غير مرئية بالضوء Alfaris_net_1407457207

صمم باحثون في جامعة كامبريدج طريقة جديدة لتصنيع المواد عبر استعمال الضوء، وقد تسهم هذه الطريقة يوماً في تسهيل ابتكار التقنيات التكنولوجية التي تُعتبر جزءاً من الخيال العلمي، مثل عباءات التخفي وأجهزة الإخفاء.
صحيح أن المركبات الفضائية الخفية لن تصبح واقعاً قبل فترة من الزمن، لكنّ التقنية التي طورها الباحثون لتصنيع مواد مزودة بمليارات أسس البناء في المتر الواحد، يمكن استعمالها للتحكم بطريقة مرور الضوء فيها، كذلك تستهدف مساحات واسعة دفعةً واحدة. نُشرت تفاصيل المشروع في 28 يوليو 2014 في مجلة Nature Communications.
يكمن سر الآثار {غير المرئية} في طريقة تفاعل الضوء مع المادة. حين يصطدم الضوء بالسطح، يتم امتصاصه أو عكسه، وهذه العملية تمكننا من رؤية الأجسام. لكن من خلال هندسة مواد على مقياس النانو، يمكن إنتاج {مواد فوقية}: هذه المواد يمكن أن تسيطر على طريقة تفاعل الضوء معها. يتغير اتجاه الضوء الذي تعكسه المادة الفوقية بطريقة {خاطئة}، ما يؤدي، على الأرجح، إلى جعل الأجسام غير مرئية أو إلى تغيير شكلها.
يمكن استعمال المواد الفوقية ضمن مجموعة واسعة من التطبيقات المحتملة، بما في ذلك تكنولوجيا الاستشعار عن بُعد وتحسين تقنية التخفي العسكري. لكن قبل أن تصبح أجهزة الإخفاء واقعاً ملموساً على نطاق أوسع، يجب أن يحدد الباحثون طريقة تصنيع المواد الصحيحة على مقياس النانو، وقد تبين الآن أن استعمال الضوء يقدم مساعدة كبيرة في عمليات البناء بتقنية النانو.
تشمل التقنية التي طورها فريق جامعة كامبريدج استعمال ضوء الليزر غير المركّز وكأنه تجمّع من مليارات الإبر التي تخيط جزيئات النانو الذهبية للحصول على سلاسل طويلة داخل الماء مباشرةً للمرة الأولى. ثم يمكن جمع تلك السلاسل على شكل طبقات متراصة، بما يشبه قرميد لعبة الليغو. ستسمح هذه الطريقة بإنتاج المواد بكميات أكبر بكثير من تلك التي يمكن تصنيعها عبر التقنيات الراهنة.
لتصنيع السلاسل، استعمل الباحثون في البداية {كوكوربيتوريل}، جزيئات على شكل براميل تعمل على شكل فواصل مصغرة، ما يسمح بدرجة عالية من التحكم بالمساحة القائمة بين جزيئات النانو، فيسهل تثبيتها في مكانها.
لوصلها كهربائياً، احتاج الباحثون إلى بناء جسر بين جزيئات النانو. ما كانت تقنيات التلحيم التقليدية لتثبت فاعليتها لأنها تجعل الجزيئات تذوب. قال د. فانتسيسلاف فاليف من مختبر كافنديش في الجامعة، وهو أحد المشرفين على الدراسة: {يتعلق المشروع بإيجاد طريقة للسيطرة على ذلك الجسر القائم بين جزيئات النانو. لا بأس بالجمع بين بعض جزيئات النانو، لكن يطرح توسيع نطاق العملية تحديات كبرى}.
للسيطرة على الجسور، تتعلق الخطوة الأساسية بجزيئات {كوكوربيتوريل}: المسافة الفاصلة بين جزيئات النانو تسمح بتحسين السيطرة على العملية. حين يتركز الليزر على سلاسل الجزيئات في هياكلها المؤلفة من جزيئات {كوكوربيتوريل}، يقوم بإنتاج البلازمونات، وهي تموجات من الإلكترونات على أسطح المعادن الموصلة للكهرباء. تركز هذه الإلكترونات الطاقة الضوئية على الذرات في منطقة السطح وتجمعها لتشكيل جسور بين جزيئات النانو. من خلال استعمال أجهزة ليزر فائقة السرعة، نحصل على مليارات الجسور التي تتشكل بوتيرة متلاحقة وسريعة، فتحيك جزيئات النانو على شكل سلاسل طويلة يمكن مراقبتها في الوقت الحقيقي.
قال د. فاليف الذي عمل على المشروع مع باحثين من قسم الكيمياء وقسم علم المواد والمعادن ومركز دونوستيا الدولي للفيزياء في إسبانيا: {لقد سيطرنا على الأبعاد بطريقة لم تكن ممكنة في السابق. هذا المستوى من التحكم يفتح المجال أمام مجموعة واسعة من التطبيقات العملية المحتملة}.

الموضوع الاصلي : مواد غير مرئية بالضوء الحقوق : منتدى عالم النينجا