بعد تمكنه من إحكام سيطرته على السلطة السياسية بشكل كامل، حاول هتلر أن يكسب تأييد الجماهير لسياساته عن طريق إقناع معظم الشعب الألماني بأنه من سينقذهم من موجة الكساد الاقتصادي التي اجتاحت العالم، وكذلك من
معاهدة فرساي و
الشيوعية و
"البلاشفة اليهود" (الذين أثروا سلبًا على الحركة الشيوعية في الفترة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية) وكذلك من تأثير
الأقليات الأخرى "غير المرغوب فيها". واستأصل النازي كل معارضة صادفته عن طريق العملية التي أطلق عليها التنسيق بين كل الأنظمة ودمجها في نظام واحد (
بالألمانية: Gleichschaltung).
[عدل] الاقتصاد والثقافةأشرف هتلر على واحدة من أكبر التوسعات في مجال الإنتاج الصناعي والتطويرات المدنية التي شهدتها ألمانيا طوال تاريخها. وقد اعتمد في ذلك على أسلوب تعويم الديون وزيادة عدد أفراد القوات المسلحة. وشجعت السياسة النازية النساء على المكوث في المنزل لإنجاب الأطفال والعناية بالمنزل. وهكذا، تحدث أدولف هتلر في إحدى خطبه التي ألقاها في
سبتمبر من عام
1943 أمام
الرابطة الاشتراكية الوطنية للمرأة فقال إنه بالنسبة للمرأة الألمانية: "لا بد أن يتركز عالمها حول زوجها وعائلتها وأطفالها وبيتها". وعزز هتلر الإيمان بهذه السياسة بمنحه صليب الشرف الخاص بتكريم الأم الألمانية (
بالإنجليزية: Cross of Honor of the German Mother) لكل امرأة تلد أربعة من الأطفال أو أكثر. وفعليًا، تراجع معدل البطالة عن طريق عاملين أساسيين وهما: إنتاج الأسلحة وعودة النساء للمكوث في منازلهن حتى تتحن الفرصة للرجال للحصول على الوظائف التي كن يشغلنها. لذلك، كان الإدعاء الذي ساد في هذه الفترة بأن
الاقتصاد الألماني استطاع أن يصل تقريبًا إلى
العمالة الكاملة يرجع جزئيًا - وذلك على أقل تقدير - إلى الدعاية البارعة التي تم استخدامها في هذا العهد. وحصل هتلر على معظم التمويل الذي استخدمه في إعادة بناء البلاد وإعادة التسلح من سياسة التلاعب بالعملة للتأثير على الأسعار في الأسواق التجارية التي قام بها
هايمار شاخت؛ وهو رئيس
البنك المركزي الألماني في هذا العهد والمسئول عن العملة. وتضمنت سياسة التلاعب إصدار سندات مشكوك في أمرها ومنها تلك التي كانت تعرف باسم "Mefo bills"، وهي سندات إضافة قامت حكومة النازي بإصدارها - بدءاً من عام
1934 وما بعده - تحت غطاء شركة "Metallurgische Forschung" و عرف اسمها اختصارًا باسم "MEFO".
احتفالية نوريمبرج عام 1934
كذلك، أشرف هتلر على واحدة من أكبر حملات تطوير البنية التحتية في التاريخ الألماني. واشتمل هذا التطوير على إنشاء العديد والعديد من السدود، والطرق السريعة التي تسير عليها المركبات، وطرق السكك الحديدية إلى جانب عدد آخر من الإنشاءات المدنية. وأكدت سياسات هتلر على أهمية الحياة الأسرية؛ وهي الحياة التي يسعى فيها الرجل وراء كسب لقمة العيش بينما تكون الأولوية في حياة المرأة لتربية الأطفال والعناية بشئون المنزل. وجاء هذا الانتعاش في مجالي الصناعة والبنية التحتية على حساب المستوى العام للمعيشة؛ على الأقل بالنسبة لمن لم يتأثروا بحالة البطالة المزمنة التي كانت تسيطر على البلاد أثناء عهد
جمهورية فايمار السابقة (التي تم إعلانها عام 1919 في مدينة فايمر الألمانية)، وذلك لأن الأجور قد تم تخفيضها قليلاً في السنوات التي سبقت الحرب العالمية الثانية على الرغم من ارتفاع نفقات المعيشة بنسبة خمسة وعشرين بالمائة
[46]. وبالرغم من ذلك، فقد شعر العمال والفلاحون - وهي الفئات التي كانت تعطي أصواتها لصالح
حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني - بطفرة في مستوى المعيشة الخاص بهم.
ووجهت حكومة هتلر رعايتها لفن العمارة على نطاق واسع، واشتهر
ألبرت سبير بأنه المعماري الأول في حكومة
الرايخ. ولا يفوق الشهرة التي اكتسبها سبير كمعماري قام بتنفيذ رؤية هتلر الكلاسيكية التي أعاد بها تفسير الحضارة الألمانية إلا دوره الفعال الذي قام به كوزير للتسلح والذخيرة في السنوات الأخيرة
للحرب العالمية الثانية. وفي عام
1936، قامت برلين باستضافة
دورة الألعاب الأوليمبية الصيفية التي افتتحها هتلر بنفسه
وتم وضع ألحانها بحيث تظهر تفوق الجنس الآري على كل الأجناس البشرية الأخرى، الأمر الذي جعل هذه الدورة تحقق نتائج مشوشة.
وبالرغم من أن هتلر كان قد خطط لإنشاء شبكة متكاملة من
السكك الحديدية العريضة (
بالألمانية: Breitspurbahn) فإن نشوب
الحرب العالمية الثانية قد أدى إلى التراجع عن إتمام هذا المشروع العملاق. فلو كانت هذه الشبكة العريضة والمتكاملة من خطوط السكك الحديدية قد تم إنشائها بالفعل لكان عرضها سيصل إلى ثلاثة أمتار، وكانت بذلك ستفوق في اتساعها شبكة السكك الحديدية القديمة التي أنشأتها شركة "
Great Western Railway " في
بريطانيا.
أسهم هتلر بشكل بسيط في تصميم السيارة التي تم إطلاق اسم
فولكسفاجن بيتل عليها بعد ذلك. وقد عهد هتلر بمهمة تصميم السيارة وصناعتها إلى
فرديناند بورش[47]. وقد تم إرجاء إنتاج هذه السيارة أيضًا بسبب نشوب الحرب.
اعتبر هتلر أن
اسبرطة هي أولى الدول التي طبقت مبادئ الاشتراكية القومية، وامتدح السياسة التي انتهجتها مبكرًا من أجل
تحسين النسل، والطريقة التي عاملت بها النسل المشوه من الأطفال
[48].
ويعتبر الخلاف حول مسألة "التحديث" الذي تبناه هتلر من أهم الموضوعات التي يثور حولها الجدال عند مناقشة السياسات الاقتصادية التي انتهجها هتلر. ويعتقد بعض المؤرخين مثل:
دافيد شونباوم وهنري اشبي تيرنر أن السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تبناها هتلر كانت نوعًا من أنواع التحديث يراد به السعي وراء أهداف ضد الحداثة
[49]. وأكدت مجموعة أخرى من المؤرخين - خاصةً
راينر تسيتلمان - على أن هتلر قد تعمد انتهاج سياسة تسعى وراء التحديث الثوري للمجتمع الألماني
[50].
[عدل] إعادة التسلح والتحالفات الجديدة مقالات تفصيلية :
قوات دول المحور،
إتفاقية المحور و
إعادة التسليح النازية أدولف هتلر وبينيتو موسوليني أثناء الزيارة التي قام بها هتلر لفينسيا في الفترة ما بين الرابع عشر والسادس عشر من يونيو في عام 1934.
تحدث هتلر في اجتماع له مع قادة قواته البرية والبحرية في
الثالث من شهر فبراير من عام
1933 عن أهدافه في عالم السياسية الخارجية التي يطمح إلى تحقيقها، فقال: "
ضرورة الاستيلاء على مناطق معينة في الشرق لتأمين المجال الحيوي لألمانيا النازية بالإضافة إلى مد سطوة اللغة والبشر والحضارة الألمانية إلى هذه المناطق عن طريق القوة أو عن طريق الاندماج"
[51], وظهرت أهداف السياسة الخارجية الألمانية في البيان الأول الرئيسي الذي سلمه وزير الدولة في
مارس من عام
1933 في مذكرة إلى
مجلس الوزراء الألماني في مبنى وزارة الخارجية (
بالألمانية: Auswärtiges Amt). وكان الوزير هو الأمير
برنارد فون بولو وهو شخصية مختلفة عن عمه - المستشار الألماني السابق برنارد فون بولو - الذي نال حظًا أوفر من الشهرة من ابن أخيه. وتمثلت هذه الأهداف في
الضم الألماني للنمسا (
بالألمانية: Anschluss)، والعودة بالحدود إلى ما كانت عليه في عام
1914، ورفض الجزء الخامس من
معاهدة فرساي، واستعادة المستعمرات الألمانية السابقة في
أفريقيا، ووجود منطقة نفوذ لألمانيا في
أوروبا الشرقية، وكانت كلها أهداف مستقبلية تسعى ألمانيا إلى تحقيقها. ورأى هتلر أن الأهداف الموجودة في مذكرة بولو متواضعة للغاية
[52]. وفي
مارس من عام
1933، ولحل الأزمة المحتدمة بين
فرنسا التي تسعى للحصول على الأمان (
بالفرنسية: sécurité) و ألمانيا التي تطالب بوجود عدالة التسلح (
بالألمانية: gleichberechtigung) في
مؤتمر نزع السلاح في العالم الذي تمت إقامته في
جينيف في
سويسرا، تقدم رئيس الوزراء البريطاني -
رامزي ماكدونالد - بالتسوية التي أطلق عليها اسم "
خطة ماكدونالد". وقد صدّق هتلر على
"خطة ماكدونالد" - على الرغم من أنه كان يعتقد في عدم جدواها وهو الأمر الذي تحقق بالفعل - فقد كان يسعى في هذه الفترة الفاصلة إلى إثبات حسن نيته أمام العاصمة البريطانية وإظهار حكومته في صورة معتدلة في الوقت الذي تتمسك فيه
فرنسا بسياسة تتسم بالعناد
[53].
والتقى هتلر في
مايو من عام
1933 بالسفير الألماني في موسكو؛
هربرت فون ديركسن. وفي هذا اللقاء، حذر
ديركسن الفوهرر من أنه يسمح بتدهور العلاقات مع
الاتحاد السوفيتي إلى حد غير مقبول، ونصحه بإتخاذ خطوات فورية لإصلاح العلاقات مع الاتحاد السوفيتي.
[54] وقد أصيب ديركسن بخيبة أمل شديدة عندما أبلغه هتلر بأمنيته بحدوث تفاهم مع
بولندا ضد السوفيت - وهي الأمنية التي كان احتجاج ديركسن عليها يشير ضمنيًا إلى إدراكه لمشكلة الحدود بين ألمانيا وبولندا. وهكذا، صرح هتلر بأنه يسعى وراء ما هو أكبر بكثير من مجرد إسقاط
معاهدة فرساي.
[55]وفي
يونيو من عام
1933، اضطر هتلر إلى إعفاء
ألفريد هوجنبرج من منصبه في
حزب الشعب الوطني الألماني لأنه تقدم عند حضوره
مؤتمر لندن الاقتصادي الدولي ببرنامج للتوسع الاستعماري في
أفريقيا و
أوروبا الشرقية. وقد أدى هذا البرنامج إلى نشوب عاصفة من الاعتراضات عليه في الخارج.
[56] وفي حديث له مع عمدة مدينة
هامبورج (
بالألمانية: Burgermeister) في عام
1933، علق هتلر أن
ألمانيا تحتاج إلى سنوات طويلة تنعم فيها بالسلام قبل أن تتمكن من إعادة تسليح جيشها بالشكل الكافي لتخاطر بالدخول في حرب، وأن عليها حتى ذلك الوقت أن تتوخى سياسة حريصة دعا إلى انتهاجها
[57]. وفي "خطابات السلام" التي ألقاها هتلر في
السابع عشر من مايو في عام
1933، و
21 مايوالحادي والعشرين من مايو في عام
1935، و
السابع من مارس في عام
1936 أكد على أهدافه السلمية المزعومة وعلى رغبته في العمل في إطار النظام العالمي
[58]. أما ما كان يضمره في نفسه، فقد كانت خططًا غير سلمية على الإطلاق.
[ما هي؟] وفي اجتماعه الأول مع مجلس الوزراء في عام
1933، قدّم هتلر أولوية الإنفاق على الشئون العسكرية على إعانة البطالة، وصرّح بأنه على استعداد للإنفاق على البند الثاني إذا اكتفى البند الأول أولاً
[59]. وعندما تقدم رئيس
البنك الألماني المركزي هانز لوثر والذي كان أيضًا مستشارًا سابقًا للبلاد بعرضه إلى الحكومة بتقنين حدًا قانونيًا قيمته مائة مليون
مارك ألماني لتمويل
إعادة التسلح وجد هتلر أن المبلغ ضئيل للغاية، وقام بإعفاء لوثر من منصبه في
مارس من عام
1933 ليستبدله بالوزير
هيلمار شاخت الذي كان عليه في الخمس سنوات التالية أن يقدم ما قيمته اثني عشر بليونًا من الماركات الألمانية من السندات المعروفة باسم "Mefo-bills" من أجل الإنفاق على
إعادة التسلح[60].
وكان الدخول في تحالف مع بريطانيا من الخطوات التمهيدية الرئيسية الخاصة بالسياسة الخارجية والتي قام بها هتلر في السنوات الأولى من حكمه. ففي العشرينات من القرن العشرين، كتب هتلر أن هدفه المستقبلي الخاص بالسياسة الخارجية الاشتراكية الوطنية هو
تدمير روسيا بمساعدة إنجلترا[61]. وفي عام
1933، قام
ألفريد روزنبرج بصفته رئيس مكتب السياسة الخارجية في الحزب النازي (
بالألمانية: Aussenpolitisches Amt) بزيارة
لندن كجزء من جهوده المشئومة لكسب تحالف
بريطانيا مع بلاده
[62]. أما في
أكتوبر من عام
1933، فقد قام هتلر بإعلان انسحاب ألمانيا من عضويتها في
عصبة الأمم ومؤتمر نزع السلاح في العالم بعد أن أعلن وزير خارجيته البارون
كونستنين فون نيورات على الرأي العام العالمي أن المطلب الفرنسي بالحصول على "الأمان" هو العقبة الرئيسية التي ستؤدي إلى تعثر كل جهود السلام.
[63].
وانطلاقًا من آرائه التي أعلنها في كتابيه
كفاحي و
كتاب الكتاب الثاني (
بالألمانية: Zweites Buch) عن ضرورة بناء تحالف إنجليزي ألماني، تقدم هتلر بمخطط في اجتماعه الذي عقده في
نوفمبر من عام
1933 مع السفير البريطاني - سير
ايريك فيبس - يقضي بأن تقوم بريطانيا بتقديم الدعم لجيش ألماني قوي قوامه ثلاثمائة ألف من الجنود في مقابل "التعهد بالحماية وعدم الاعتداء" الذي تقدمه ألمانيا إلى
الإمبراطورية البريطانية[64]. وردًا على هذا الطلب، قرر البريطانيون ضرورة وجود فترة عشرة سنوات من الانتظار قبل أن تقوم بريطانيا بدعم الزيادة التي تطلبها ألمانيا في حجم جيشها. وقام هتلر بمبادرة أكثر نجاحًا في مجال السياسة الخارجية تتعلق بالعلاقات مع
بولندا. وعلى الرغم من المعارضة القوية التي أبدتها وزارة الحربية ووزارة الخارجية (
بالألمانية: Auswärtiges Amt) (اللتين كانتا تفضلان تدعيم العلاقات مع
الاتحاد السوفيتي، فإن هتلر قد قام في
خريف عام
1933 بالبدء في محادثات سرية مع بولندا؛ الأمر الذي أدى إلى توقيع
معاهدة عدم الاعتداء الألمانية البولندية في يناير من عام
1934).
وفي
فبراير من عام
1934، التقى هتلر مع
حامل الخاتم الملكي البريطاني - سير
انتوني إيدن - وألمح بقوة إلى أن ألمانيا تملك بالفعل سلاحاً للطيران تم حظر استخدامه بناءً على معاهدة فرساي
[65]. وفي
خريف عام
1934، انتاب هتلر القلق الشديد من خطر التضخم المالي الذي كان يهدد شعبيته
[66]. وفي خطاب سري ألقاه أمام مجلس الوزراء في
الخامس من نوفمبر في عام
1943، صرح قائلاً إنه "أعطى الطبقة العاملة وعده ألا يسمح بزيادة في الأسعار" وإن "من يكدحون نظير رواتبهم التي يحصلون عليها سيتهمونه بالحنث بوعده إذا لم يتصرف بشأن زيادة الأسعار. علاوةً على ذلك، ستندلع الثورات بين صفوف الشعب نتيجة لكل ما يحدث."
[66]وعلى الرغم من استمرار برنامج التسلح الألماني سرًا منذ عام
1919، ففي
مارس من عام
1935 رفض هتلر الجزء الخامس من
معاهدة فرساي عندما أعلن على الملأ زيادة عدد الجيش الألماني (
بالألمانية: Wehrmacht) إلى ستمائة ألف جندي (وهو الرقم الذي يبلغ ستة أضعاف الرقم الذي حددته معاهدة فرساي). وأضاف هتلر إليها القوات الجوية (
بالألمانية: Luftwaffe) وقرر زيادة عدد القوات البحرية (
بالألمانية: Kriegsmarine). وسرعان ما أدانت
بريطانيا و
فرنسا و
المملكة الإيطاليا و
عصبة الأمم هذه الأعمال. وبالرغم من ذلك فإن تأكيدات هتلر أن ألمانيا لا تهتم إلا بالسلام جعلت كل الدول تحجم عن اتخاذ أية خطوات من شأنها إيقاف هذا الأعمال مما أدى إلى استمرار عملية إعادة التسلح الألمانية. وبعد ذلك وفي
مارس من عام
1935، قام هتلر بعقد سلسلة من الاجتماعات في
برلين مع وزيري الخارجية البريطاني - سير
جون سايمون - وكذلك مع ايدن وتملص هتلر خلالها بنجاح من العرض الذي تقدمت به
بريطانيا لمشاركة ألمانيا في اتفاقية أمن إقليمية؛ وهي الاتفاقية التي كان يقصد بها أن تكافئ نظيرتها الأوروبية -
معاهدة لوكارنو. كذلك، تجنب الوزيران البريطانيان التحدث عن العرض الذي تقدم به هتلر بإقامة تحالف مع بريطانيا
[65]. وأثناء محادثاته مع
سايمون وايدن، استخدم هتلر لأول مرة ما اعتبره تكتيك ذكي للتفاوض من أجل الحصول على مستعمرات في الخارج عندما استغل بنجاح العرض الذي تقدم به سايمون بعودة ألمانيا إلى عصبة الأمم للمطالبة باستعادة المستعمرات الألمانية في أفريقيا
[67].
وبدءاً من
أبريل في عام
1935، أدى التحرر من وهم الوعود التي تقدم بها
الرايخ الثالث والتي لم يتم تنفيذها على أرض الواقع بالعديد من أعضاء
الحزب النازي - خاصةً من كان يطلق عليهم المحاربون القدامى (
بالألمانية: Alte Kämpfer) (وهم من قاموا بالانضمام إلى الحزب قبل عام
1930 وكانوا أكثر أعضاء الحزب حماسًا لفكرة
معاداة السامية)، وكذلك بمن كان يطلق عليهم
كتيبة العاصفة (
بالألمانية: Sturmabteilung) - بالاندفاع للهجوم على الأقلية اليهودية الألمانية تعبيرًا عن إحباطاتهم مستهدفين بذلك جماعة لن تقوم السلطات بحمايتها
[68]. وكان الأعضاء العاديون في الحزب مستاءين لأنه بعد مرور عامين على
الرايخ الثالث، وبالرغم من وعود هتلر التي لا يمكن إحصائها والتي وعد بها قبل عام
1933 لم يصدر أي قانون يمنع الزواج أو إقامة العلاقات بين "الألمان المنتمين لأصول
آرية والألمان المنتمين لأصول
يهودية". وورد في أحد تقارير
الجيستابو (
بالألمانية: Gestapo) (الشرطة السرية لألمانيا النازية) التي صدرت في ربيع عام
1935 أن الأعضاء العاديين في
الحزب النازي "سيبدءون في التحرك الذي نقف وراءه في الخفاء" وهو الحل المقترح "للمشكلة اليهودية" "وهو حل يجب على الحكومة بعد ذلك أن تسير على نهجه"
[69]. ونتيجةً لذلك، بدأ الناشطون في
الحزب النازي وأعضاء كتيبة العاصفة موجة خطيرة من الاعتداءات والتخريب المتعمد والمقاطعات ضد اليهود الألمان
[70].
علم وزاة الحرب النازية
وفي
يونيو من عام
1935، تم توقيع
المعاهدة البحرية بين بريطانيا وألمانيا (.A.G.N.A) في
لندن والتي سمحت بزيادة القوة الألمانية البحرية في البحرية البريطانية لتصل إلى نسبة خمسة وثلاثين بالمائة من قوة بريطانيا البحرية. وقد أطلق هتلر على ذلك اليوم "أسعد أيام حياته" لأنه كان يعتقد أن هذه الاتفاقية هي البداية الحقيقية للتحالف بين
بريطانيا و
ألمانيا الذي تنبأ به في كتابه
كفاحي[71]. وقد تم عقد هذه المعاهدة البحرية دون استشارة
فرنسا أو
إيطاليا؛ وهو الأمر الذي أضعف من مكانة عصبة الأمم ووضع
معاهدة فرساي على المحك لإفراغها من مضمونها الحقيقي
[72]. وبعد توقيع
المعاهدة في
يونيو من عام
1935، أمر هتلر بتنفيذ الخطوة التالية على طريق إنشاء تحالف بريطاني ألماني؛ ألا وهي
التنسيق بين كل الجمعيات التي كانت تطالب باستعادة المستعمرات الألمانية في أفريقيا ودمجها في عصبة واحدة (
بالألمانية: Gleichschaltung) وهي
عصبة رايخ الإستعمارية الجديدة (
بالألمانية: Reichskolonialbund). وهي العصبة التي أثارت في السنوات القليلة التي تلت ذلك حملة دعائية عدوانية تهدف إلى استعادة المستعمرات الألمانية في أفريقيا
[73]. ولم يكن لهتلر اهتمامًا حقيقيًا بالمستعمرات الألمانية السابقة في أفريقيا. وفي كتابه
كفاحي ، شجب هتلر بقوة سياسة حكومة
ألمانيا الاستعمارية لأنها كانت تسعى وراء التوسع الاستعماري في أفريقيا قبل عام
1914 على أساس أن الامتداد الطبيعي
للمجال الحيوي لألمانيا النازية يجب أن يكون في
أوروبا الشرقية وليس في
أفريقيا. وكان هتلر ينتوي أن يستخدم هذه الطلبات الاستعمارية كخطة للتفاوض تعتمد على "تخلي" ألمانيا عن مطالبها الاستعمارية في مقابل أن تدخل بريطانيا في تحالف مع
الرايخ يخضع للشروط الألمانية
[74].
وفي
صيف عام
1935، تم إبلاغ هتلر إنه نتيجةً للتضخم المالي والحاجة لاستخدام العملة الصعبة لشراء المواد الخام التي تحتاجها ألمانيا في عملية إعادة التسلح تبقى فقط خمسة ملايين
مارك متاحة للصرف على الشئون الحربية. كما تم إبلاغه بوجود حاجة ملحة لمبلغ ثلاثمائة ألف
مارك في اليوم الواحد لدفع خطر نقص الطعام
[75]. وفي
أغسطس من عام
1935، تقدم
هيلمار شاخت بنصيحة إلى هتلر بأن الموجة العنيفة التي تشهدها البلاد
لمعاداة السامية تتعارض مع الازدهار الاقتصادي ومن ثم مع عملية إعادة التسلح
[76]. وقد أدت نصيحة
شاخت التي تقدم بها في شكواه إلى هتلر، وكذلك التقارير التي وردت إلى هتلر بأن الرأي العام الألماني لا يوافق على موجة العنف المعادي للسامية التي تجتاح البلاد وعلى التساهل المستمر للشرطة إزائها حيث إنه أمر يقلل من شعبية النظام الحاكم أمام الرأي العام إلى إصدار هتلر أمرًا في
الثامن من أغسطس في عام
1935 يقضي بوقف "التصرفات الفردية" ضد اليهود الألمان إبتداءاً من نفس اليوم
[76]. ومن وجهة نظر هتلر، كان هناك ضرورة لإصدار قوانين صارمة جديدة تتعلق بمعاداة السامية كنوع من أنواع الترضية لأعضاء الحزب الذين خاب أملهم بعد قرار الوقف الذي قام بإصداره في
الثامن من أغسطس خاصةً وأنه قد قام بإصدار هذا القانون على مضض لأسباب عملية أما رأيه الشخصي فكان متفقًا مع رأي متطرفي الحزب.
هتلر في مدينة نوريمبيرج عام 1935
وكان الاجتماع السنوي
للحزب النازي الذي عقد في
سبتمبر من عام
1935 - والذي كان يتم عقده سنويًا في مدينة
نوريمبيرج - إشارة لعقد الجلسة الأولى من جلسات
الرايخستاج التي تعقد في هذه المدينة منذ عام
1543. وكان هتلر يخطط أن يقوم في هذه الجلسة
للرايخستاج بتمرير قانوناً يجعل من العلم النازي الذي كان يحمل
الصلييب المعقوف علمًا ألمانيًا لدولة
الرايخ، وكذلك لأن يلقي خطابًا مهمًا يدعم فيه العدوان
الإيطالي الوشيك على
أثيوبيا [77]. فقد شعر هتلر أن العدوان الإيطالي من شأنه أن يتيح فرصًا عظيمة أمام ألمانيا. وفي
أغسطس من عام
1935، أخبر هتلر جوبلز بأن رؤيته للسياسة الخارجية هي "
أن تكون إنجلترا هي الحليف الداخلي لألمانيا. وأن توجد علاقات طيبة للرايخ مع بولندا، والتوسع في اتجاه الشرق،فبحر البلطيق ملك لنا. والصراع بين إيطاليا وانجلترا على أثيوبيا، وكذلك الصراع الياباني الروسي الوشيك"[78].وفي اللحظة الأخيرة قبل الموعد المقرر لبداية الاجتماع السنوي، استطاع وزير الخارجية الألماني - البارون
كونستنتن فون نيورات - أن يقنع هتلر بأن يلغي خطابه الذي كان سيمتدح
إيطاليا فيه لقيامها بالعدوان على دولة أخرى. وأقنع نيورات هتلر بأن خطابه سيثير الرأي العام في الخارج لأنه يتعارض مع الرسالة التي تحملها "خطابات السلام" التي يلقيها هتلر. وهكذا، وجد هتلر نفسه حائرًا بشأن الموضوع الذي سيتحدث فيه في أول اجتماع للرايخستاج يتم عقده في مدينة
نوريمبيرج منذ عام
1543 بخلاف الموضوع الذي يتعلق بمسألة قانون علم الرايخ
[79]. وفي
الثالث عشر من سبتمبر، أمر هتلر بسرعة اثنين من أتباعه المدنيين وهما
برنارد لوسنر و
فرانز ألبريشت ميديكوس من وزارة الداخلية أن يطيرا إلى
نوريمبيرج للبداية في إعداد خطة لقوانين
معاداة السامية ليقدمها إلى
الرايخستاج في
الخامس عشر من سبتمبر. وفي مساء
الخامس عشر من سبتمبر، قدم هتلر قانونين إلى
الرايخستاج يمنعان ممارسة العلاقات الجنسية والزواج بين الألمان "
الآريين" والألمان اليهود، وكذلك عمل النساء من أصل "
آري" تحت سن الخامسة والأربعين في المنازل اليهودية. ويحرم القانونان "غير الآريين" من مزايا المواطنة الألمانية
[80]. وتعرف قوانين
سبتمبر من عام
1935 باسم
قوانين نورينبرج.
وفي
أكتوبر من عام
1935، وللحد من مشكلات نقص الغذاء المتزايدة ولطرح سياسة تقنين توزيع الموارد والسلع نادرة الوجود، أمر هتلر على مضض بتخفيض المبالغ المخصصة للإنفاق على القوات العسكرية[sup][url=http://ar.wi